يمثل 30 آذار/مارس يوم الأرض للفلسطينيين الذين يحتفلون بالاعتصام العام الذي نظم عام 1976 في فلسطين احتجاجا على خطة الحكومة الإسرائيلية بمصادرة الأراضي. اليوم، يأخذ دعم هذه الحركة "من الداخل" أشكالا عديدة، منها موسيقى الهيب هوب. كان لمنصات جلسة مع فرقة الراب الفلسطينية الرائدة "دام" لمناقشة مشاريعهم المستقبلية في الموسيقى ومشاريعهم للأقلية العربية في إسرائيل.
أشعل عرابو الهيب هوب الفلسطيني، فرقة دام التي تذكر بكلمة "دم"، الأجواء في العاصمة الأردنية عمان ليلة الجمعة في 27 آذار/مارس في حفل جمعهم بمغنيي الهيب هوب الأردنيين، إم سي مايز، المخرج ولاعب الموسيقى سوتوسورا ومغني الراب الفلسطيني راغتوب، عضو فرقة "فيليسطينز" في لوس أنجلس الأميركية.
غنت فرقة دام التي تضم كلا من الأخوين تامر وسهيل نفار ومحمود جريري، عشية يوم الأرض، وهو من أهم الأحداث في تاريخ الانتفاضة الفلسطينية ضد إسرائيل
في 30 آذار/مارس 1976، قتل ستة فلسطينيين وجرح حوالي 100 آخرين في مواجهات مع الشرطة الإسرائيلية في مظاهرات ضد المصادرات المستمرة لأراضي عرب إسرائيل.
بالنسبة إلى الشباب الفلسطينيين الذين يعيشون كمواطنين من الدرجة الثانية في ظل مظاهرات 1976، انطلقت دام في مسيرتها لتخبر المستمعين عن واقع حوالي 1.3 مليون عربي يعيشون في إسرائيل.
ترعرع أعضاء الفرقة في مدينة اللد، التي تجمع بين العرب واليهود وأصبحت "غيتو" داخل إسرائيل منذ تأسيسها عام 1948.
قال محمود جريري لمنصات "هذا يعكس واقعنا. إنها قصة محاولة دخولهم، فنرد عليهم وتأتي الشرطة إلينا. هذه حياتنا اليومية".
باتت رسالة الفرقة أكثر وضوحا بعد انتقال الحكم السياسي في إسرائيل إلى يد اليمين في الانتخابات الأخيرة. فمثلا، طالب نائب رئيس الوزراء الجديد، أفيغدور ليبرمان، رئيس حزب إسرائيل بيتنا من اليمين المتطرف، بـ"نقل" المواطنين الفلسطينيين الى خارج إسرائيل.
أضاف جريري "على إسرائيل اتخاذ قرار بين إطلاق محرقة ضد الفلسطينيين المقيمين على أراضي 48 أو الموافقة على الترحيب بجميع مواطنيها. هذا هو الخيار، وعليها اتخاذ القرار عاجلا أم آجلا، في السراء والضراء".
ويقول الشباب أن وضعهم كمواطنين من الدرجة الثانية مثير للضحك، وهم يواجهون هذا الواقع في أغانيهم.
يتابع جريري "أتحدث العبرية أفضل من معظم الإسرائيليين، فيتصلون لطردي ونحن السكان الأصليون".
أطلقت "دام" ألبومها الأول "كف عن بيع المخدرات" عام 1998، لكن أهم أغنية لهم كانت "مين إرهابي" عام 2001، من ألبوم يحمل العنوان نفسه، والتي لا تزال أكثر أغنية هيب هوب عربي تنزل عبر الانترنت مع أكثر من مليون مستخدم أنزلها، والعدد لا يزال يتزايد.
التقت منصات مع الفرقة بعد حفلة 27 آذار/مارس لمناقشة يوم الأرض، الحياة في الأراضي المحتلة، المشاكل التي يواجهونها في صناعة الموسيقى وانتشار الراب العربي.
يعتبركم كثيرون مؤسسي حركة الراب العربي (إلى جانب فرقة إم دبليو آر المنحلة)، عرابو حركة الراب العربي المتنامية شهرة، وأنتم موجودون على الساحة منذ فترة طويلة. أتعتقدون أن موسيقاكم تساعد على نقل الراب العربي إلى الجمهور، وهل الغرب مستعد لسماع رسائلكم؟
محمود جريري (إم جاي): مهمتنا نقل الراب العربي إلى الجمهور، لذا أنشأنا فرقة "دام" وأطلقنا ألبوم "ديديكايشون" الذي يباع في أوروبا وأميركا. كما أننا نقوم بجولات لنشر رسالتنا. تظهر حاليا عدة فرق من الشرق الأوسط تلعب الهيب هوب العربي، لذا فإن حركتنا تنتشر.
أما بالنسبة للغرب، يمكن أن تصل الرسالة الموسيقية إليهم، لكن لسوء الحظ عليهم ترجمة الكلمات ولن يفعلوا هذا. إنهم لا يفهمون الاستعارات والكلمات، لكنهم يفهوم أننا نغني من أجل قضية، لكن هذا ليس كافيا.
بعد "هيب هوب المقلاع" الوثائقي لجاكي سلوم، علمنا أنكم غنيتم للمرة الأولى باللغة العبرية. كلماتكم العبرية رائعة. هل تصل رسالتكم إلى جمهور الهيب هوب الإسرائيلي؟ هل من تعاون من جهتهم؟ وهل موسيقى الهيب هوب وسيلة للتعامل مع قضايا مهمة بين الشباب الفلسطيني والإسرائيلي؟
سهيل نفار (س.ن.): أولا، لم نبدأ بالغناء بالعبرية. بدأ تامر الغناء في 1998 باللغة الانكليزية، ثم انتقلنا إلى العربية والعبرية في الوقت نفسه، الأغنية الأولى كانت مزيجا بين العربية والعبرية. حاولنا العمل على الهيب هوب العربي لكننا لم نعرف ما نفعله، لم يكن لدينا العلاقات المهمة، لذا استغرقنا الأمر وقتا طويلا قبل أن نصبح أقوياء.
لن يحل الهيب هوب العربي المشكلة بين الفلسطينيين والإسرائيليين. فالناس الذين يعرفون الوضع هنا يستمعون إلينا. لدينا ناد للمعجبين ويضم بعض اليهود الرافضين، بعض معارضي الجيش، والاحتلال. هؤلاء هم من يدعمون موسيقانا.
لا أعتقد أن بإمكاننا تغيير الوضع. كل هذه الأمور تأخذ وقتا طويلا، لكن علينا القيام بكل خطوة على حدى.
إم جاي: يمكننا توصيل الرسالة لكن المشكلة مع الجمهور الإسرائيلي أنهم من اليمين، لذا يكون من الصعب توصيل الرسالة إليهم. وإن أوصلت الرسالة، لا تسمعها سوى أقلية. هذه مشكلة نعيش فيها، لأنها دولة متعصبة كيفما تنظر إليها.
أي نصيحة تقدمونها إلى مغني الراب الفلسطينيين الشباب في الأراضي المحتلة ومخيمات اللاجئين في الشرق الأوسط، والذين يحاولون إيصال موسيقاهم؟
إم جاي: عليهم الاستمرار بما يحبونه، لا أن يكتبوا أغنية واحدة ويتوقفوا. عليهم المحاولة دوما لانتاج الجديد، هذا سيساعدهم في المستقبل. عليهم قول الحقيقة والابتعاد عن الأمور التقليدية. أتمنى ألا يتحول الراب العربي إلى ما تحول إليه الهيب هوب الأميركي الذي أصبح يتحدث عن السيارات والعاهرات. نحن ليس لدينا هذا، بل لدينا الاحتلال ونحن نكافح من أجل الحرية.
هناك نوع من الفتور بين فلسطينيي 48 وبين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة. هل تنعكس هذه الانقسامات على ساحة الهيب هوب الفلسطينية؟
إم جاي: لا، لا أعتقد ذلك.
هناك الكثير من المواضيع التي تتم مناقشتها في أراضي 48 و67، لكننا لا نقلل من احترام بعضنا. لا نريد الدخول في مسألة "أنا أهين عرب 67 وهم يهينوني"، هذا ليس هدفنا من الهيب هوب.
لا نزال نبني موسيقانا، لا نزال نبني موسيقى الهيب هوب العربي. لذا لا نريد البدء منذ النهاية، وحتى الآن، لم ندخل في أي نقاشات.
مغني الراب الهولندي من أصل مغربي، صلاح الدين، تعاون مع المنتج الهولندي من أصل مغربي المغني سيلفارينغز في ألبومه المقبل بعنوان "حر". ويتلقى الديو الدعم من فرقة "ووتانغ كلان" وضمن التوزيع عبر شركة "يونيفرسال" في الشرق الأوسط، شمال أفريقيا وأوروبا. هل من الممكن أن يؤثر هذا التوزيع والدعم بشكل كبير على الشباب العربي؟ هل من الممكن أن يكون هناك حركة هيب هوب في العالم العربي؟
إم جاي: هذا ما يحصل الآن. لا أعلم إن كانت هذه الحركة منتشرة في العالم العربي كله، لكن لدينا العديد من مغنيي الراب أمثال دي جاي خالد الفلسطيني الذي ينسق الموسيقى لجميع نجوم الهيب هوب المشاهير.
كما لدينا أشخاص من أمثال فريدراك، المعروف بأعماله مع سنوب دوغي دوغ، وهو يؤثر إيجابا على صناعة الهيب هوب العربي، ويقدم برنامج "هيب هوبنا" على قناة إم تي في أرابيا. لا أعلم إن كان هذا سيؤثر على الحركة ككل، فنحن لا نزال أقلية في هذا المجال.
إلى من يجب أن نتطلع في الهيب هوب العربي أو الفلسطيني؟
س.ن.: هناك الكثير من الفرق التي ينشئها فنانون على ساحة الهيب هوب العربية.
يمكن التحدث عن الجزائريين الذين بدأوا بالهيب هوب في بداية الحركة العالمية، لأنهم تأثروا بالفرنسيين.
كما لدينا الهيب هوب التونسي والمغربي، وهما مهمان. وهناك حركة مهمة تنطلق من عمان كذلك. الهيب هوب منتشر حاليا.
يمكن التحدث عن كثيرين. هنا في الأردن، لدينا تاج، وفرقة 962، راغتوب، نارسي العراقي المقيم في مونتريال، بي آر (باليستينيان رابيرز-الصورة أدناه) من غزة، صفا من عكا، وفرعان من مصر.
الحركة تنتشر حقا. فلنقارنها بمحاولة المجتمع الدولي لإطلاق الحوار والتعاون بين الدول، وهو ما تفشل الحكومات فيه، فنرى أننا نقيم الجسور بين الفرق المتنازعة.
نرى أننا نفعل هذا بالهيب هوب، وهذا شعور جميل بعد الاحتلال الذي عشناه لسنوات طويلة.
بعد "هيب هوب المقلاع"، يتوقع عالم الهيب هوب عملا مهما من "دام". ما هي مشاريعكم المقبلة؟ على ماذا تعملون؟ هل تتعاونون مع أحد؟
س.ن.: فلنبدأ بمشاريعنا بعد "المقلاع"، أنتجت دام التي أسست شركة انتاج تحت اسم "تسجيلات 48" موسيقى لفيلم خرج حاليا. ويمكن الاستماع إليها على هذا
الموقع سنقوم بجولة الأسبوع المقبل في الولايات المتحدة مع حوالي 20 حفلة، ثم نسافر إلى كندا. ثم سأذهب أنا إلى إسبانيا لحضور فيلم عن الفن الفلسطيني، وقد شاركت فيه دام.
هناك بعض الأغاني التي سجلناها للألبوم المقبل الذي سيصدر في الصيف على الأرجح وقد شارك في العمل الكثير من الأسماء الشهيرة.
مثل من؟
لا يمكننا البوح بهذا
متى سيصدر الألبوم التالي؟
إم .جاي: أواخر 2009 أو أوائل 2010. سيجهز في الصيف لكن إصداره سيستغرق بعض الوقت.
موقع هيب هوب أرابيا يظهر الفيديو الجديد لكم على صفحته الرئيسية. كتب كلمات أغنية "أحرف" محمود، وأخرج الفيديو سهيل. إنها أغنية مذهلة. أنتوقع المزيد من الفيديوهات منكم؟ هل من الممكن أن نرى أغانيكم على شاشات التلفزة؟ ما التالي؟
س.ن: المشروع التالي ستكون "أحرف" ثانية لتامر. فقد بدأنا بالأبجدية من الألف إلى الياء، وتامر سيتابع من الياء إلى الألف. وسيكون هناك فيديو كليب آخر ينطلق بعد أسبوع.
كما نعمل على فيديو كليب مع فرقة "
إينفينسيبيل" من مدينة ديترويت الأميركية، وأنا أحضر لأغنية مع "
عبير سابرينا دا ويتش". ولدينا فيديو كليب لأغنية "فلو" التي تبث على شاشة "فيديو ميكس تي في".
أخبرونا ما يحصل الآن في أراضي 48، وما تأثير واقع أن الأمور السياسية والثقافية تميل لمصلحة إسرائيل على عملكم وحياتكم؟
إم جاي: حياتنا صعبة منذ 1948. كنا ولا نزال شعبا تحت الاحتلال.
اليوم، أصبحت إسرائيل أكثر وقاحة، وهناك أشخاص يطالبون بنقلنا وطردنا. هؤلاء الأشخاص جاؤوا منذ فترة وجيزة إلى إسرائيل، ربما منذ عشر سنوات، ولا يزالون يتحدثون بلكنة روسية (في إشارة إلى ليبرمان).
أنا أتحدث العبرية أفضل منهم، وهم يطالبون بطردي ونحن السكان الأصليون. لذا هذه مشكلة.
لطالما كانت خطتهم طردنا، لكنهم لم ينجحوا في 48. حاولوا مجددا عام 67 وفشلوا ثانية. نأمل أن نتمكن من متابعة الصراع للمقاومة والبقاء كفلسطينيين على أرضنا.
ما سيحصل، أو ما يمكن أن يحصل، لا أعلم. لا أتوقع أن يكون ما سيحصل جيدا. أعتقد أن الأوضاع ستزداد سوء. على إسرائيل الاختيار بين القيام بمحرقة ضد فلسطينيي 48 أو الموافقة على أن تكون دولة لجميع المواطنين.
هذا هو الخيار الذي تواجهه، وعليها اتخاذ القرار عاجلا أم آجلا، في السراء والضراء.
الاثنين هو يوم الأرض، ماذا يحصل ميدانيا؟
س.ن.: يمكنني أن أخبرك بما يحدث الآن. قبل أيام في أم الفحم، أراد الحزب الصهيوني اليميني المتطرف القيام بمسيرة نحو أم الفحم لإشعال فتنة جديدة. هذا ما يفعلونه طيلة الوقت.
اليمينيون لم يخططوا لهذا الأمر، لم يبعثوا برسائل لبعضهم حتى. أبقوا الأمر سرا حتى لا يعلم أحد بما ينوونه.
ما حصل في أم الفحم هو أن بعض الفلسطينيين كانوا يقفون على سطوح منازلهم فرأوا اليمينيين يتوجهون إلى المدينة، فكانت ردة الفعل بالطرد، فكان واضحا أن الإسرائيليين ينوون شرا.
لكن الشرطة بدأت بحمايتهم، هذا يعكس الواقع. محاولتهم للدخول، تصدينا لهم، ووقوف الشرطة ضدنا. هذه حياتنا اليومية.
إنهم يشعلون النار، ويغضبون وتتطور الأمور. هذا ما يحصل هذه الأيام.
هناك الكثير من المشاريع التي تقام على أراضي 48 لإضعافنا وتقليص رقعة أراضينا. لدينا مشاريع ضخمة، مثل يهود اللد، لجعل مدينتنا أكثر يهودية.
يمكننا رؤية هذا في أعمالهم حين يهدمون المنازل. هدموا أكثر من 70 منزلا في مدينتنا خلال السنتين الماضيتين.
إم جاي: هذا لا يحصل في اللد فحسب. جميع فلسطينيي 48 يعيشون في ظل هذا النظام العنصري، كهدم المنازل ومنعنا من تعليم عدة مواد. هذه ليست عنصرية واضحة حيث يمنعون دخولك إلى ناد لأنك عربي، لأن هذا لا يهم في الحقيقة.
العنصرية الحقيقية هي منعنا من دراسة الطب قبل سن الـ21. لماذا؟ لأن الإسرائيلي ينتهي من التجنيد الإجباري في سن 21، فيريدون أن نكون "متساوين".
لا يريدون أن يصبح العرب أطباء عن أعمار صغيرة. هذه عنصرية أعمق بكثير، حيث لا نملك الوظائف، فحين تنال شهادتك الجامعية لا تستخدمها إلا كلوحة على الحائط.
جميع الوظائف تطلب من أنهوا التجنيد الإجباري، ولا أحد منا خدم في الجيش ولا أحد منا سيفعل. هذه مشكلة كبيرة بالنسبة إلينا، ونحن نواجه مجتمعا عنصريا إلى أقصى الحدود.
لا يمكنك تخيل طريقة تعاملهم معنا. يقول الكثير من المسؤولين أننا السرطان في إسرائيل. ويمكنك التصور كيف يتعامل الناس مع السرطان.